5 عوامل ترسم ملامح مستقبل الهيدروجين الأزرق في قطاع الطاقة

مستقبل الهيدروجين الأزرق يفرض نفسه بقوة كأحد الحلول الاستراتيجية البارزة في مسار التحول نحو مستقبل مستدام وأقل انبعاثًا للكربون، مدعومًا بـ 5 عوامل رئيسية تعزز مكانته في مشهد الطاقة العالمي، من بين هذه العوامل: انخفاض تكلفته الإنتاجية مقارنة بأنواع الهيدروجين الأخرى، وتعدد استخداماته، فضلًا عن قدرته على التكامل مع البنية التحتية القائمة للغاز الطبيعي، إلى جانب دوره الحيوي في دعم تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS).

وتُشكل هذه المزايا أساسًا قويًا يدعم حضوره كخيار طاقي نظيف وفعّال، يجعله أحد الأعمدة الرئيسية في مشهد الطاقة العالمي خلال العقود المقبلة.

سنتناول في هذا المقال أبرز العوامل التي ترسم ملامح مستقبل الهيدروجين الأزرق، ودوره المتنامي في التحول نحو الطاقة النظيفة، بدءًا من مكانته في إزالة الكربون، وصولًا إلى آفاقه الاقتصادية والتكنولوجية، وتوقعات الطلب العالمي عليه في ظل التحول الطاقي الشامل.

مستقبل الهيدروجين الأزرق

هناك عدد من العوامل تشير إلى مستقبل الهيدروجين الأزرق المشرق كركيزة أساسية في تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة ودورة الهام فى مستقبل الطاقة المستدامة كالتالي:

1. الهيدروجين الأزرق عنصر أساسي في التحول الطاقي

يُعتبر الهيدروجين الأزرق جسرًا محتملًا نحو اقتصاد الهيدروجين النظيف، إذ يساهم في تقليل انبعاثات غازات الدفيئة بشكل كبير مقارنة بالهيدروجين الرمادي، مما يدعم جهود مكافحة تغير المناخ.

كما يتميز الهيدروجين الأزرق بكونه أكثر تنافسية من حيث التكلفة مقارنة بالهيدروجين الأخضر في الوقت الحالي. كما يمكن للدول التي تمتلك احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي أن تعزز أمنها الطاقي من خلال إنتاج الهيدروجين الأزرق.

ويدعم الهيدروجين الأزرق أيضًا الصناعات الثقيلة؛ إذ يمكن استخدامه كوقود نظيف في الصناعات التي يصعب فيها إزالة الكربون، مثل صناعة الصلب والأسمنت وتكرير النفط. يُرسخ هذا الدور المحوري مستقبل الهيدروجين الأزرق كعنصر لا غنى عنه في مزيج الطاقة النظيفة.

2. توقعات نمو الطلب على الهيدروجين الأزرق

من المتوقع أن يشهد سوق الهيدروجين الأزرق نموًا ملحوظًا في السنوات القادمة، مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية:

السياسات الحكومية الداعمة: تتبنى العديد من الحكومات حول العالم سياسات ومبادرات لدعم إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون، بما في ذلك الحوافز الضريبية والمالية.
الوعي العالمي المتزايد: يزداد الوعي بأهمية خفض الانبعاثات الكربونية، مما يدفع الطلب على مصادر الطاقة النظيفة مثل الهيدروجين الأزرق.
الاستثمارات الضخمة: يجذب قطاع الهيدروجين الأزرق استثمارات رأسمالية ضخمة من الشركات والحكومات، مما يدعم النمو الاقتصادي ويحفز النشاط في قطاعات الهندسة والبناء والتصنيع (بترونيوز).
التطورات التكنولوجية المستمرة: تستمر التطورات التكنولوجية في تحسين كفاءة عمليات إنتاج الهيدروجين الأزرق واحتجاز الكربون، مما يجعله أكثر جاذبية اقتصاديًا.

3. الهيدروجين الأزرق والطاقة المستدامة

يمر قطاع الطاقة بمرحلة انتقالية حاسمة، مع التركيز المتزايد على مصادر الطاقة النظيفة والتقنيات التي تقلل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتُسهم في مستقبل أكثر استدامة، وفقًا للمعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة. يبرز الهيدروجين كلاعب رئيسي في انتقال الطاقة، بفضل مجموعة متنوعة من طرق الإنتاج النظيفة التي تقدم مزايا مختلفة وقدرة تنافسية في السوق، حسبما نشره موقع مجلة “أوفشور إنرجي ديجيتال” (Offshore Energy Digital) في فبراير الماضي. هذا التكامل يعزز مستقبل الهيدروجين الأزرق كحل عملي ومستدام للطاقة.

4. تسريع إزالة الكربون وزيادة الطلب على الهيدروجين الأزرق

تشير النتائج الأخيرة لسيناريو “تسريع إزالة الكربون” (AEDS)، الذي جرى تطويره في إطار الإصدار السابع من توقعات الغاز العالمية الصادرة عن منتدى الدول المصدرة للغاز، إلى رؤى قيّمة بشأن مستقبل الهيدروجين بصفته موجهًا للطاقة.

توضح هذه النتائج أن الهيدروجين لديه القدرة على أداء دور رئيسي في تلبية احتياجات الطاقة المستقبلية، حسبما أشار خبراء تكنولوجيا الطاقة لدى المنتدى.

يتوقع الخبراء وصول الطلب على الهيدروجين إلى 550 مليون طن بحلول عام 2050، ما يشكل ما يقرب من 10% من إجمالي مزيج الطاقة. يعكس هذا الطلب المرتفع على الهيدروجين دوره المتميز بصفته موجهًا للطاقة، ويسلط الضوء على الحاجة إلى وسائل نظيفة وأكثر كفاءة لإنتاجه.

وتشير الحاجة إلى مثل هذه الكمية الكبيرة من الطاقة إلى ضرورة النظر في حصة كبيرة من إنتاج الهيدروجين بالطرق الأخرى المتاحة والتنافسية والناضجة، مثل الهيدروجين الأزرق القائم على الغاز الطبيعي.

يتوقع سيناريو “تسريع إزالة الكربون” أنه سيتم توليد نحو 220 طنًا متريًا من الهيدروجين باستخدام الغاز الطبيعي وتقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وهو ما يمثل 40% من إجمالي الإنتاج بحلول عام 2050. سيتطلب هذا المستوى من إنتاج الهيدروجين أكثر من 930 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بحلول عام 2050.

ومن المتوقع أن يساهم تغويز الفحم باستخدام تقنية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه بنحو 10% أو 54 طنًا متريًا من إنتاج الهيدروجين الأزرق بحلول عام 2050. تؤكد هذه التوقعات بشكل قاطع على مستقبل الهيدروجين الأزرق كلاعب رئيسي في خفض الانبعاثات الكربونية العالمية.

5. انخفاض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأزرق

يُقدر في الوقت الحالي متوسط تكلفة إنتاج الهيدروجين الأزرق بنحو 1.5 دولارًا إلى 3 دولارات لكل كيلوغرام، في حين أن تكلفة الهيدروجين الأخضر أعلى، تتراوح من 3 دولارات إلى 6 دولارات للكيلوغرام. من المتوقع أيضًا أن يصبح الهيدروجين الأزرق أرخص ثمنًا، مع تحسن تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه وتصبح معتمدة على نطاق أوسع. هذا الانخفاض في التكاليف يعزز من تنافسية مستقبل الهيدروجين الأزرق ويسرع من اعتماده.

ختامًا يشهدالهيدروجين الأزرق نموًا كبيرًا خلال العقود القادمة، ليصبح جزءًا أساسيًا من خطة الطاقة النظيفة العالمية. ومع تزايد الاستثمارات الحكومية والخاصة في تطويره وتقنياته تؤكد أن مستقبل الهيدروجين الأزرق واعد، وينبئ بتحول كبير في قطاع الطاقة و المساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة.

فيديو .. مستقبل الطاقة | غاز نظيف بتكلفة مرتفعة.. هل حان عصر الهيدروجين؟