تكرير البترول في الوطن العربي .. نقلة نوعية آخر 5 سنوات

شهدت صناعة تكرير البترول في الوطن العربي نقلة نوعية آخر 5 سنوات، و ذلك من خلال توجه بعض الدول الأعضاء نحو إنشاء مصاف جديدة أو تطوير و رفع الطاقة التكريرية للمصافي القائمة، للدور الحيوي لصناعة تكرير النفط في تأمين حاجة السوق المحلية من المشتقات النفطية، مما يساهم في تأمين المزيد من الإيرادات المالية للدول الأعضاء، و ذلك خلال دراسة حديثة أعدتها الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك).

و بحسب الدراسة فإن إجمالي الطاقة التكريرية في دول أوابك قد بلغ 8.35 مليون رميل في عام 2016 و بنسبة 92% من إجمالي الطاقة التكريرية في الدول العربية، و بلغ عدد المصافي في دول أوابك 52 مصفاة، مع توقعات بارتفاع الطاقة التكريرية في دول أوابك في غضون الخمس سنوات القادمة إلى ما يزيد عن 11 مليون برميل ، و أن يصل عدد المصافي إلى 64 مصفاة في عام 2020،كما توقعت حدوث فائض في المنتجات النفطية للتصدير إلى الأسواق الخارجية حتى عام 2030.

تطوير صناعة تكرير البترول في الوطن العربي

شهدت صناعة تكرير البترول في الوطن العربي تنفيذ العديد من المشاريع الرامية إلى تحسين الالتزام بمتطلبات التشريعات البيئية الخاصة بالحد من طرح الملوثات الناتجة عن عمليات التكرير إلى البيئة، و ذلك من خلال تطبيق بعض التقنيات و تنفيذ بعض الآتي:

الحد من استخدام الوقود الثقيل الحاوي على نسبة عالية من الملوثات و استبداله بالغاز الطبيعي الخالي من الشوائب الكبريتية.
تطبيق مشاريع استرجاع غاز الشعلة، و تطبيق نظم ترشيد و تحسين كفاءة استخدام الطاقة.

أهداف مشاريع تطوير صناعة التكرير في الدول العربية

تهدف مشاريع تطوير مصافي النفط في الدول العربية إلى مجموعتين و هما:

مجموعة الأهداف التقنية المرتبطة بتحسين قدرة المصافي على مواجهة الصعوبات التشغيلية التي تؤدي إلى ضعف الإنتاج.
مجموعة الأهداف التي ترتبط بدعم الاقتصاد الوطني.

ما هي التحديات التي تواجه تطوير صناعة التكرير عربياً؟

تواجه صناعة تكرير البترول في الوطن العربي عدة تحديات و هي:

قدم و تهالك المعدات في بعض المصافي حيث يعود انشاؤها إلى حوالي 50 عاماً، و درجة تأثيرها على عائدات المشاريع.
انخفاض الطاقة التكريرية في بعض المصافي إلى جانب زيادة التعاون مع شركات النفط العالمية
صغيرة الحجم و التي تم انشاؤها بغرض تلبية طلبات المستثمرين الأجانب في مشاريع إعادة تأهيل حاجات مناطق معينة من المنتجات النفطية، مما أدى إلى وجود عدد كبير من المصافي صغيرة الحجم التي لا تزيد طاقتها التكريرية عن 100 ألف برميل / يوم ، تشكل حوالي نصف عدد المصافي القائمة في الدول العربية.
صعوبات وتحديات عديدة من حيث مستوى الأداء التشغيلي، و القدرة على مواكبة متطلبات المعايير البيئية الدولية، والتباين بين هيكل الإنتاج والطلب على المنتجات في الأسواق المحلية.
ضعف تطبيق برامج الصيانة و الاعتماد على استيراد المعدات الأساسية من الأسواق الخارجية.

جهود تطوير صناعة تكرير البترول في الوطن العربي

اتخذت الدول العربية عدة خطوات لتطوير صناعة تكرير البترول مثل:

تعزيز جهود البحث العلمي في مجال تطوير تقنيات تحسين أداء و كفاءة عمليات التكرير.
تنفيذ دراسات الجدوى الاقتصادية و الدراسات الفنية و الاحصائية بهدف توفير المعلومات التي تساعد على التنبؤ بحجم المخاطر المحتملة، و درجة تأثيرها على عائدات المشاريع.
زيادة التعاون مع شركات النفط العالمية والمستثمرين الأجانب في مشاريع إعادة تأهيل و تطوير المصافي.

كيف يمكن تطوير صناعة تكرير البترول في الوطن العربي؟

إن تحقيق الاستغلال الاقتصادي الأمثل للثروة البترولية يرتبط بصورة أساسية بتهيئة الظروف المناسبة لجودة الإدارة و التشغيل و لتطوير صناعة التكرير في الدول العربية يجب اتخاذ الخطوات الآتية:

استمرار الدول العربية في مشاريع تطوير المصافي.
البحث عن وسائل لتلبية معدل نمو الطلب المرتفع على غاز البترول المسال من خلال الاستمرار في توجيه الاهتمام باستثمار حقول الغاز الطبيعي.
تطوير معالجة الغاز المصاحب و مشاريع الاستفادة من غازات الشعلة في مصافي النفط.
زيادة التعاون بين شركات التكرير المحلية الوطنية و الخاصة و الشركات العربية والعالمية.
العمل على تحسين مرونة المصافي لتكرير نفوط الخام الثقيلة و الحامضية الحاوية على نسبة عالية من الكبريت.
رصد التطورات الدولية في كافة المجالات ذات الصلة بالصناعة البترولية و من بينها التطورات في صناعة تكرير النفط.

و ختاماً، يُعد تكرير البترول في الوطن العربي من الركائز الأساسية التي تسهم في تعزيز الاقتصاد العربي و تنميته حيث تمتلك دول المنطقة موارد هيدروكربونية غنية تتيح لها القدرة على تطوير صناعات تكرير متقدمة تُسهم في توفير الطاقة و المنتجات البترولية المحلية و العالمية، ومع ذلك، لا يزال هناك تحديات تواجه قطاع تكرير البترول في الوطن العربي مثل الحاجة إلى تحسين التقنيات و زيادة الكفاءة، فضلاً عن التأثيرات البيئية التي تتطلب استراتيجيات مستدامة، و إن الاستثمار في البحث و التطوير، وتحسين البنية التحتية، و تعزيز التعاون بين الدول العربية في هذا المجال يُعد خطوة هامة نحو بناء قطاع تكرير بترولي أكثر قدرة على مواجهة التحديات المستقبلية و تحقيق النمو المستدام في المنطقة.