نفط وبترول

5 عوامل تتحكم في اقتصاديات تكرير البترول وتحدد ربحية المصافي

كيف تؤثر تكاليف التشغيل وتقلبات الأسعار على صناعة التكرير؟

اقتصاديات تكرير البترول تعد محورًا رئيسيًا في فهم أداء قطاع الطاقة، تتحكم فيها 5 عوامل رئيسية خاصة مع ما يشهده العالم من تحولات هيكلية في مصادر الوقود و الطلب العالمي، عملية التكرير، و هي تحويل النفط الخام إلى مشتقات مثل البنزين والديزل و الكيروسين، و تمر بمراحل معقدة و تخضع لتأثير العديد من العوامل الاقتصادية و التقنية.

و رغم أن التكرير لا يحظى دائمًا بالاهتمام الإعلامي كالتنقيب أو الإنتاج، فإنه يعتبر عنصرًا حيويًا في سلسلة القيمة النفطية، و من دون إدارة فعّالة لـ اقتصاديات تكرير البترول، يمكن أن تتحول المصافي من مصدر أرباح إلى عبء مالي على الشركات و الدول.

اقتصاديات تكرير البترول
5 عوامل تتحكم في اقتصاديات تكرير البترول وتحدد ربحية المصافي

في هذا المقال، نتناول أهم العوامل رئيسية تحدد اقتصاديات تكرير البترول و ربحية المصافي، مع تحليل تأثيرها، و أمثلة على كيفية تعامل الشركات الكبرى معها.

أهم العوامل التي تتحكم في اقتصاديات تكرير البترول

هناك العديد من العوامل التي تتحكم في اقتصاديات تكرير النفط تتمثل في الآتي:

1. سعر النفط الخام: حجر الأساس في معادلة التكرير

النفط الخام هو المادة الأولية في التكرير، و تكلفته تمثل النسبة الأكبر من التكاليف الكلية لأي مصفاة، عندما ترتفع أسعار الخام، فإن المصافي مطالبة بتحقيق قيمة مضافة أعلى من خلال منتجاتها المكررة لتغطية الفارق، و إلا ستتآكل هوامش الأرباح.

على سبيل المثال، في أوقات ارتفاع الأسعار مثل ما حدث في 2022، تضطر بعض المصافي لإعادة جدولة الإنتاج أو تقليصه، بينما تستفيد مصافٍ أخرى تملك عقود توريد ثابتة أو تحصل على خام محلي منخفض التكلفة، وهذا ما يجعل من تنويع مصادر الخام عاملاً استراتيجيًا لتعزيز اقتصاديات تكرير البترول.

2. هامش التكرير (Refining Margin): المؤشر الحقيقي للربحية

يمثل هامش التكرير الفرق بين سعر بيع المنتجات المكررة وسعر شراء النفط الخام، يتم احتسابه عادة لكل برميل و يختلف باختلاف نوع الخام و المصفاة و السوق الذي تُباع فيه المنتجات.

عندما يكون الهامش مرتفعًا، فهذا يعني أن هناك طلبًا قويًا على المنتجات المكررة أو أن أسعار الخام منخفضة نسبيًا، ما يحقق أرباحًا جيدة للمصافي، لكن هذا الهامش عرضة للتقلبات، خصوصًا خلال الأزمات الاقتصادية أو فترات الركود في الطلب على الوقود.

مثال على ذلك، خلال جائحة كوفيد-19، تراجعت هوامش التكرير إلى أدنى مستوياتها في بعض المناطق بسبب انخفاض استهلاك الوقود، مما أثر بشكل كبير على اقتصاديات تكرير البترول عالميًا.

3. الطاقة الإنتاجية و التعقيد التكنولوجي للمصفاة

تلعب سعة المصفاة و تعقيدها التكنولوجي دورًا كبيرًا في تحديد كفاءتها الاقتصادية، فالمصافٍ الكبيرة ذات التصميم المعقد – مثل “مصفاة كاملة التحويل” – قادرة على معالجة خامات ثقيلة و إنتاج مشتقات عالية الجودة ذات هامش ربح أكبر.

في المقابل، تعاني المصافي القديمة أو الصغيرة من انخفاض الكفاءة و صعوبة التكيف مع أنواع الخام المختلفة أو التغيرات في السوق. لهذا تتجه الدول النفطية مثل السعودية و الإمارات إلى تحديث مصافيها باستخدام أحدث التقنيات الرقمية و تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء و تقليل الفاقد.

4. تكاليف التشغيل و الصيانة: تحدٍ مستمر لتحقيق الكفاءة

تشمل تكاليف التشغيل كل ما يتعلق بتشغيل وحدات التكرير مثل الطاقة (الوقود، الكهرباء)، الأيدي العاملة، المواد الكيميائية، و تكاليف الصيانة الدورية وغير الدورية، و تشكل هذه التكاليف عبئًا كبيرًا على اقتصاديات تكرير البترول إذا لم تتم إدارتها بكفاءة.

الصيانة الوقائية، على سبيل المثال، تساهم في تقليل الأعطال المفاجئة التي قد تتسبب في توقف الإنتاج و تكبد خسائر فادحة، كما أن الرقمنة وتحليل البيانات باتا عنصرين رئيسيين في تحسين عمليات التشغيل و تقليل الهدر.

بعض المصافي المتقدمة تطبق أنظمة مراقبة ذكية تمكنها من التنبؤ بالأعطال قبل حدوثها، مما يخفض التكاليف و يزيد من التوافر التشغيلي.

5. التشريعات البيئية و المتطلبات التنظيمية

تزداد أهمية العوامل البيئية في صناعة التكرير، حيث تواجه المصافي ضغوطًا متزايدة للامتثال لمعايير الانبعاثات الكربونية، و هذا يتطلب استثمارات ضخمة في أنظمة معالجة الغاز و التخلص من النفايات و تحديث تقنيات الاحتراق.

فعلى سبيل المثال، تطبيق معايير EURO 5 و6 في أوروبا أجبر العديد من المصافي على تطوير خطوط إنتاج جديدة أو إغلاق وحدات قديمة غير مطابقة، و تؤثر هذه التكاليف الإضافية على اقتصاديات تكرير البترول ما لم يتم تعويضها بهوامش ربح أعلى أو دعم حكومي.

اقتصاديات تكرير البترول
5 عوامل تتحكم في اقتصاديات تكرير البترول وتحدد ربحية المصافي

التغيرات العالمية و تأثيرها على اقتصاديات تكرير البترول

مع تزايد الاتجاه العالمي نحو الطاقة المتجددة و تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، تواجه صناعة التكرير تحديًا استراتيجيًا، الطلب على البنزين قد يتراجع تدريجيًا مع انتشار السيارات الكهربائية، لكن الطلب على الديزل و وقود الطائرات لا يزال قويًا في المدى المتوسط.

المصافي الذكية بدأت بالفعل في التحول نحو إنتاج مواد كيميائية و بتروكيميائية، أو الوقود الحيوي، ما يعزز من مرونتها و قدرتها على التكيف مع التحولات المستقبلية، هذا التنويع يمثل استراتيجية أساسية للحفاظ على استقرار اقتصاديات تكرير البترول في المدى الطويل.

و ختاماً، تمثل اقتصاديات تكرير البترول مزيجًا من العلم و الإدارة و القدرة على التكيف مع متغيرات السوق، فالمصافي لم تعد مجرد منشآت صناعية، بل كيانات اقتصادية تتطلب تخطيطًا دقيقًا واستثمارًا مستمرًا في التكنولوجيا و الموارد البشرية.

و مع استمرار التحديات البيئية وتحول الطاقة، فإن من ينجح في إدارة هذه العوامل الخمسة بفعالية سيكون الأقدر على تحقيق النمو المستدام و الربحية في عالم يشهد تغيرات غير مسبوقة في سوق الطاقة.

اقتصاديات تكرير البترول
5 عوامل تتحكم في اقتصاديات تكرير البترول وتحدد ربحية المصافي

فيديو كيف تؤثر المشروعات في قطاع تكرير البترول 

المراجع 

اقرأ أيضاً 

here
تابعنا على جوجل
theer

فريد عبد الوارث

محرر متخصص في شئون البترول والتعدين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى