5 اتجاهات ترسم مستقبل تكرير البترول في ظل التحول العالمي للطاقة

مستقبل تكرير البترول يواجه تحديات غير مسبوقة في ظل التغيرات الجذرية التي يشهدها العالم على صعيد الطاقة و البيئة، و هناك 5 اتجاهات تحدد مستقبل التكرير تتطلب إعادة تعريف دوره و وظيفته في المستقبل،حيث لم يعد تكرير البترول مجرد عملية لتحويل النفط الخام إلى وقود تقليدي مثل البنزين و الديزل، بل أصبح جزءًا من معادلة معقدة تشمل التقنيات الحديثة، و الاستدامة، و الطاقة المتجددة، و الاقتصاد الدائري.

في هذا المقال، نستعرض أبرز اتجاهات تحدد مستقبل تكرير البترول، و نحلل كيف يمكن للمصافي أن تتأقلم مع هذا المشهد المتغير و تستفيد منه.

مستقبل تكرير البترول

للحفاظ على مستقبل تكرير البترول يجب مراعاة الآتي:

1. التحول إلى تكرير مرن ومتعدد المنتجات

مع الانخفاض التدريجي في الطلب على الوقود التقليدي، بدأت المصافي في تبني نموذج التكرير المرن، و الذي يسمح لها بإنتاج طيف أوسع من المنتجات حسب الحاجة فلم يعد الهدف هو فقط إنتاج وقود السيارات، بل أيضًا إنتاج مواد كيميائية صناعية، و شمع صناعي، و وقود طائرات منخفض الكربون.

و على سبيل المثال، مصافي في أوروبا بدأت تحول جزءًا من عملياتها لإنتاج وقود الطيران المستدام (SAF)، كما أن بعض المصافي الآسيوية بدأت بإدخال زيت الطهي المستعمل كمادة خام لإنتاج الديزل الحيوي.

و هذا التحول يساعد المصافي على تنويع مصادر دخلها و تقليل الاعتماد على أسواق الوقود الأحفوري التي أصبحت أكثر تقلبًا.

2. الرقمنة و الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة

يلعب التحول الرقمي دورًا أساسيًا في تحديد مستقبل تكرير البترول ، خاصة مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي و إنترنت الأشياء (IoT)، حيث يمكن لتقنيات التحليل التنبئي أن تقلل من التكاليف التشغيلية، و تزيد من عمر المعدات، و توفر بيئة عمل أكثر أمانًا.

أبرز الاستخدامات:

التنبؤ بالأعطال قبل حدوثها من خلال البيانات.
ضبط درجات الحرارة والضغط في الوحدات الحرارية بشكل آلي للحصول على أعلى كفاءة.
أتمتة مراقبة الانبعاثات و فلترة الغازات.
نتيجة ذلك: تزداد الإنتاجية، وتقل التكاليف، و تصبح المصافي أكثر قدرة على تلبية معايير السلامة و البيئة.

3. الابتكار في تقنيات خفض الكربون

واحدة من أهم محاور مستقبل تكرير البترول هي الاستدامة البيئية، فمع الالتزام الدولي بالوصول إلى الحياد الكربوني، أصبح من الضروري أن تتبنى المصافي تقنيات فعالة لتقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن عملياتها.

أهم الابتكارات:

استخدام الهيدروجين كوقود في عمليات التكرير بدلاً من الغاز الطبيعي.

إدخال تقنيات التقاط الكربون (CCUS) لعزل ثاني أكسيد الكربون و تخزينه أو إعادة استخدامه.
اعتماد وحدات إنتاج الطاقة من مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية لتشغيل بعض أقسام المصفاة.
النتيجة: تقليل البصمة الكربونية للمصفاة و تعزيز صورتها كشريك في التحول البيئي العالمي.

4. التكامل مع صناعة البتروكيماويات

أصبح من الشائع أن نرى مستقبل تكرير البترول و شراكات بين شركات التكرير و شركات البتروكيماويات، نظرًا لهوامش الربح العالية في قطاع الكيماويات مقارنة بالوقود التقليدي، و هذا التكامل يسمح بتحقيق أقصى استفادة من كل برميل نفط خام، حيث يتم تحويل الأجزاء المتبقية من عملية التكرير إلى مواد كيميائية و منتجات بلاستيكية.

و على سبيل المثال شركة أرامكو السعودية استثمرت في مصافي “متحولة كيميائيًا” تحول معظم النفط الخام إلى منتجات بتروكيماوية، كما أن شركات صينية عملاقة بدأت ببناء مجمعات ضخمة تجمع بين التكرير و الإنتاج الكيميائي في نفس الموقع، و هذا النموذج يزيد من الربحية و يعزز القدرة على المنافسة في السوق العالمية.

5. التكيف مع التشريعات و السياسات البيئية

الضغوط التشريعية و اللوائح البيئية تمثل عاملًا حاسمًا في تحديد مستقبل تكرير البترول، فرض ضرائب الكربون، وتحديد حدود للانبعاثات، و تطبيق معايير جودة الهواء تدفع المصافي إلى إعادة هيكلة عملياتها لتكون أكثر صداقة للبيئة.

مستقبل تكرير البترول و التحديات العالمية

بعض الدول تمنع استخدام الوقود عالي الكبريت، مما يجبر المصافي على التحديث.
فرض استخدام نسبة معينة من الوقود الحيوي في منتجاتها.
دعم حكومي للمصافي التي تستثمر في مشاريع خفض الكربون.
التوفيق بين الربحية والامتثال البيئي دون الإضرار بجودة الإنتاج أو القدرة التنافسية.

مستقبل تكرير البترول بين التحديات و الفرص

و ختاماً، فبرغم التحديات المعقدة التي تواجهها صناعة التكرير، فإن مستقبل تكرير البترول لا يزال يحمل الكثير من الفرص فالمصافي التي تتبنى نهجًا مرنًا و مبتكرًا ستكون أكثر قدرة على البقاء و النجاح في عالم يتجه نحو الطاقة النظيفة و الاستدامة.

و يجب الدمج بين التكنولوجيا، و الوعي البيئي، و التكامل الصناعي، سيكون المفتاح لمصافي المستقبل و المصافي التي ستنجح في هذا التحول ستكون ليس فقط مصدرًا للطاقة، بل أيضًا جزءًا من الحل في بناء مستقبل أكثر نظافة و كفاءة.