مشروعات رماد الصودا في مصر: 3 صروح صناعية تعزز الإنتاج

في ظل ما تمثله صناعة رماد الصودا من أهمية استراتيجية على المستويين المحلي والعالمي، نشهد حراكًا صناعيًا متسارعًا لتطوير مشروعات رماد الصودا في مصر، وذلك عبر إقامة 3 صروح إنتاجية كبرى تمزج بين الخبرة التاريخية والتكنولوجيا الحديثة.

ويأتي هذا التوجه في إطار خطة الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وخفض فاتورة الاستيراد، وتعظيم القيمة المضافة للخامات المحلية، إلى جانب توفير فرص عمل جديدة تدعم الاقتصاد الوطني وتسهم في تعزيز تنافسية المنتج المصري.

وتتميز مصر بامتلاكها لموارد طبيعية واعدة يمكن استغلالها في إنتاج رماد الصودا، وتتطلب مشروعات رماد الصودا في مصر استثمارات ضخمة وتكنولوجيا متقدمة، كما أنها تحتاج إلى دراسات جدوى شاملة لضمان استدامتها وكفاءتها الاقتصادية والبيئية، ومع ذلك فإن العوائد المحتملة من هذه الصناعة واعدة للغاية، مما يجعلها مجالًا جذابًا للاستثمار والتطوير في المستقبل القريب.

فرصة واعدة لتوطين صناعة رماد الصودا في مصر

تواجه مصر والمنطقة العربية تحديًا صناعيًا واقتصاديًا بالغ الأهمية في ظل الاعتماد الكامل على استيراد مادة رماد الصودا (الصودا آش)، رغم تزايد الطلب المحلي والإقليمي وتوافر المواد الخام الأساسية مثل ملح الطعام والحجر الجيري.

وبحسب البيانات، بلغ إجمالي الطلب على رماد الصودا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 1.9 مليون طن في عام 2017، فيما تستهلك السوق المصرية وحدها قرابة 500 ألف طن سنويًا، وتشير التقديرات إلى أن الطلب المحلي يرتفع بنسبة 3% سنويًا، مما يعزز أهمية التوسع في مشروعات رماد الصودا في مصر لتلبية هذا النمو وتخفيف الضغط على الواردات.

ورغم أهمية المادة واستخدامها في صناعات حيوية مثل الزجاج والمنظفات والصناعات الكيماوية، لا يوجد حتى الآن أي مصنع لإنتاج رماد الصودا في العالم العربي، مما يضاعف الاعتماد على الاستيراد ويزيد من الضغط على الميزان التجاري.

وتُظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن قيمة واردات مصر من رماد الصودا بلغت نحو ملياري و971 مليون جنيه خلال عامي 2020 و2021 فقط، منها 885 مليون جنيه من تركيا، و579 مليون جنيه من بلغاريا، إلى جانب واردات من روسيا، الصين، والبوسنة.

ومع وصول سعر الطن إلى نحو 250 دولارًا كحد أدنى، تبدو الفرصة مواتية للاستثمار في مشروعات رماد الصودا في مصر، خاصة أن الحد الأدنى للإنتاج المطلوب لتحقيق العائدات المجدية لا يقل عن مليون طن سنويًا، لتغطية الطلب المحلي والعربي على حد سواء.

أبرز مشروعات رماد الصودا في مصر

توجد حاليًا عدة مشروعات لإنتاج رماد الصودا في مصر (“الصودا آش”)،  تساهم هذه المشروعات في تلبية احتياجات السوق المحلي وتصدير الفائض، وتدعم صناعات عديدة من صناعة الزجاج والمنظفات إلى معالجة المياه وإنتاج الكيماويات.

1- شركة النصر لصناعة كيماويات الصودا بالإسكندرية عام 1974

شركة النصر لصناعة كيماويات الصودا هي شركة مساهمة مصرية، تأسست عام 1974 في محافظة الإسكندرية، وفي سبتمبر من عام 2008، وافقت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية على بيع شركة الإسكندرية لكربونات الصوديوم إلى شركة سولفاي البلجيكية، وذلك ضمن برنامج الخصخصة.

عقب عملية الاستحواذ، تم تغيير اسم الشركة إلى:
شركة سولفاي الإسكندرية لكربونات الصوديوم (Solvay Alexandria Sodium Carbonate Company).

كانت شركة سولفاي تنتج مجموعة واسعة من مركّبات الباريوم والسترونتيوم، بالإضافة إلى منتجات ثانوية أخرى (coproducts).

وقد تميزت بتقديم منتجات عالية الجودة، مصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات الصناعية المتنوعة، وتستخدم في مجموعة واسعة من التطبيقات، من أبرزها:

• شاشات التلفزيون
• الزجاج
• الطوب والبلاط
• السيراميك
• الطلاءات الحديدية

2. شركة سولفاي الإسكندرية لكربونات الصوديوم (شركة مصرية – 2018)

في أكتوبر 2018، قامت 3 شركات حكومية تابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية باتخاذ إجراءات الاستحواذ على شركة سولفاي الإسكندرية لكربونات الصوديوم (النصر للكيماويات سابقًا)، في خطوة تعكس اهتمام الدولة بتعزيز مشروعات رماد الصودا في مصر.

وتضم الجهات المستحوذة كلًا من:

• الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات (ECHEM)
• شركة سيدي كرير للبتروكيماويات (سيدبك)
• شركة إيثيدكو (ETHYDCO)

وقد بلغت قيمة الصفقة نحو 15 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 270 مليون جنيه في ذلك الوقت، ويأتي هذا التحرك في إطار توجه الدولة إلى إحياء الصناعات الكيماوية الأساسية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصةً في ظل الطلب المتزايد على مادة رماد الصودا (كربونات الصوديوم) محليًا وعربيًا، واستخدامها في صناعات حيوية مثل الزجاج والمنظفات والكيماويات.

3. الشركة المصرية للصودا آش بمجمع العلمين للبتروكيماويات(2022)

تأسست الشركة المصرية للصودا آش في ديسمبر 2022 بهدف إقامة مشروع متكامل لإنتاج الصودا آش ومشتقاتها في مدينة العلمين الجديدة، ضمن خطة الدولة لتعزيز سلاسل القيمة في قطاع البتروكيماويات وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

ويُعد المشروع جزءًا من مجمع العلمين الصناعي الذي يضم عددًا من المشروعات العملاقة بإجمالي استثمارات تتجاوز 10 مليارات دولار، من بينها مجمع التكرير والبتروكيماويات باستثمارات تُقدّر بحوالي 8.5 مليار دولار، ويستهدف إنتاج نحو 3.2 مليون طن سنويًا من المنتجات البتروكيماوية المتخصصة، إضافة إلى 1.6 ألف طن سنويًا من المنتجات البترولية، بالاعتماد على 3.8 مليون طن من الخام المنتج من حقول الصحراء الغربية.

وضمن هذه المنظومة الصناعية المتكاملة، يأتي مشروع إنتاج كربونات الصوديوم (الصودا آش) كأحد أهم مشروعات رماد الصودا في مصر، إذ يهدف إلى تعظيم القيمة المضافة من الثروات الطبيعية المصرية، مثل خام الملح والحجر الجيري، عبر إنتاج مادة الصودا آش بطاقة تصميمية تصل إلى 600 ألف طن سنويًا، بالإضافة إلى إنتاج 100 ألف طن من بيكربونات الصوديوم، و50 ألف طن من مواد متخصصة أخرى، وذلك باستثمارات تُقدّر بحوالي 480 مليون دولار.

ويُعد هذا المشروع نقلة نوعية في مسار توطين صناعة رماد الصودا في مصر، نظرًا لتزايد الطلب المحلي والعربي على هذه المادة الاستراتيجية المستخدمة في صناعات الزجاج والمنظفات والصناعات الكيماوية.

هيكل المساهمين في مشروعات رماد الصودا في مصر

• الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات (وزارة البترول والثروة المعدنية).
• الهيئة العربية للتصنيع.
• الشركة القابضة للصناعات الكيماوية.
• شركة “ابدأ” لتنمية المشروعات.
• شركة النصر للزجاج والبللور.
• شركة “صودا للصناعات الكيماوية” (ممثل القطاع الخاص، وتمتلك 45% من المشروع، وتضم شركات مثل “بولي سيرف للأسمدة والكيماويات” و”إيه إم إن للاستثمار الصناعي” و”لايف كيميكالز جروب للاستيراد والتصدير”).

فيديو .. تفاصيل مشروع الصودا آش (رماد الصودا ) في مصر 

ختامًا، يتضح الدور المحوري الذي تلعبه مشروعات رماد الصودا في مصر في دعم الصناعة المصرية، ليس فقط بتوفير مادة أساسية للعديد من القطاعات مثل الزجاج والمنظفات والورق، بل أيضًا في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال التصدير وتوفير فرص العمل. مدعومة بالموارد الطبيعية المتاحة والطلب المتزايد محليًا وعالميًا. يعتمد النجاح المستقبلي لمشروعات رماد الصودا في مصر على تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص، وتبني سياسات داعمة تحفز الابتكار والاستثمار المستدام. بهذا، يمكن لمصر أن تحقق أقصى استفادة من هذه الصناعة الحيوية، وتساهم بفعالية في تحقيق التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة.