
تندرج مصادر الغاز الطبيعي تحت ثلاث فئات رئيسية، أشهرها المصادر التقليدية، والتي تشمل الغاز المستخرج من الحقول التقليدية وتمثل حوالي 70% من إجمالي الإنتاج العالمي؛ المصادر غير التقليدية، مثل الغاز الصخري وغاز الفحم، وتسهم بنحو 25%؛ وأخيرًا المصادر البديلة، التي تمثل نحو 5% وتشمل الغاز الحيوي والطاقة المستدامة.
سنتناول في هذا المقال كل نوع من هذه الأنواع بالتفصيل، من حيث الخصائص والفوائد والتحديات، مما يتيح للقارئ فهمًا شاملاً للدور الذي يلعبه الغاز الطبيعي في مشهد الطاقة العالمي.
1. المصادر التقليدية للغاز الطبيعي
المصادر التقليدية هي أكثر مصادر الغاز الطبيعي انتشاراً، وأكثر أساليب الاستخراج شيوعًا واستخدامًا في العالم، حيث يتم الحصول على الغاز الطبيعي من خزانات تقع في أعماق الأرض أو تحت قاع البحار، وهو ينطوي على عمليات حفر معقدة للوصول إلى هذه الموارد. وهي تشمل الطبقات الجوفية العميقة تحت الأرض أو تحت قاع البحر، حيث يتم استخراج الغاز الطبيعي من خلال الحفر في الخزانات الجوفية التي تحتوي على الغاز والنفط، وتتمثل المصادر التقليدية في:
- الطبقات الجوفية: وهي المناطق التي تحتوي على الغاز الطبيعي والنفط، ويمكن أن تكون هذه الطبقات تحت سطح الأرض أو تحت قاع البحر، ويستخرج الغاز الطبيعي من خلال حفر الآبار للوصول إلى هذه الخزانات.
- الحقول البرية: وهي المواقع التي يتم فيها استخراج الغاز الطبيعي من اليابسة، وهي أقدم مصادر الغاز الطبيعي، حيث بدأت عمليات الاستخراج في هذه الحقول منذ عقود طويلة، وغالبًا ما تكون تكاليف الاستخراج في الحقول البرية أقل مقارنة بالحقول البحرية، مما يجعلها خيارًا اقتصاديًا.
- الحقول البحرية: هذه الحقول تقع تحت قاع البحار والمحيطات، وتعتبر جزءًا مهمًا من إنتاج الغاز الطبيعي، وتساهم الحقول البحرية بحوالي 30% من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي، مما يجعلها مصدرًا رئيسيًا للطاقة، ويتطلب استخراج الغاز من الحقول البحرية تقنيات متقدمة ومكلفة، بسبب الظروف البيئية المعقدة (مثل الضغط العالي وعمق المياه).
أهمية المصادر التقليدية
- تلبية الطلب العالمي: تعتبر المصادر التقليدية أساسية في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة.
- الأثر الاقتصادي: تسهم في توفير وظائف وتعزيز الاقتصاديات المحلية، خاصة في الدول التي تمتلك حقول غاز كبيرة.
- الأمن الطاقي: تعزز الاستقلال الطاقي للدول من خلال تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية.:
المصادر التقليدية من مصادر الغاز الطبيعي، سواء كانت برية أو بحرية، تلعب دورًا حيويًا في نظام الطاقة العالمي، من خلال فهم هذه المصادر وخصائصها، يمكن تحقيق استراتيجيات أفضل لإدارة الموارد الطاقية وضمان استدامتها في المستقبل.
2. الغاز الطبيعي غير التقليدي
تشمل مصادر الغاز الطبيعي غير التقليدية عدة أنواع جديدة تم تطوير تقنياتها حديثًا لاستخراج الغاز، مما أحدث تحولًا كبيرًا في الصناعة، ومن أبرز هذه المصادر:
- الغاز الصخري: يتم استخراجه من التكوينات الصخرية، مثل الصخر الزيتي، التي تحتفظ بكميات كبيرة من الغاز الطبيعي، وتستخدم تقنية التكسير الهيدروليكي في استخراج الغاز الصخري، حيث يتم ضخ سوائل تحت ضغط عالي في الصخور لتفتيتها وإطلاق الغاز المحتجز، حيث شهدت هذه التقنية طفرة في العقد الأخير، خاصة في الولايات المتحدة، مما أدى إلى زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.
- الغاز المحبوس في الرمال الضيقة: يوجد هذا النوع من الغاز في طبقات صخرية ضيقة، مثل الرمال المغطاة، والتي يصعب استخراجها بالطرق التقليدية، يتطلب هذا النوع من الغاز استخدام تقنيات متطورة، مثل التكسير الهيدروليكي وعمليات الحفر الأفقي، مما يجعل من الضروري استثمار كبير في التكنولوجيا والبنية التحتية.
- الغاز المصاحب للبترول: يتم إنتاج الغاز الطبيعي كمصدر ثانوي في عمليات استخراج النفط، أثناء استخراج النفط، يتم إنتاج كميات كبيرة من الغاز، الذي يمكن أن يُحرق أو يُهمل، لكن يمكن استخدامه كمصدر طاقة مستدام إذا تم جمعه واستخدامه بكفاءة، هذا الغاز يُعتبر جزءًا مهمًا من التوازن الطاقي، خاصة في المناطق التي تشهد نشاطًا نفطيًا مكثفًا.
- الغاز من المصادر البحرية: تتضمن هذه المصادر استخراج الغاز الطبيعي من قيعان البحار والمحيطات، حيث توجد احتياطيات ضخمة غير مستغلة، تتطلب هذه العمليات تقنيات متطورة مثل الحفر العائم والتكنولوجيا تحت الماء، وهي تمثل مجالًا واعدًا لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
- الغاز الطبيعي من الكتل الغازية: يُستخرج هذا الغاز من كتل الغاز الكبيرة التي توجد في التكوينات الصخرية تحت الأرض، ويعتمد استخراج الغاز من هذه الكتل على تقنيات الحفر العميق والتكسير، مما يجعله أحد المصادر الرئيسية للغاز الطبيعي.
إن هذه المصادر غير التقليدية تساهم بشكل كبير في تنويع مزيج الطاقة العالمي وتعزيز الاستقلالية الطاقية للدول، مع التركيز على تحقيق التنمية المستدامة والحد من الانبعاثات الضارة.
3. المصادر البديلة للغاز الطبيعي
مع التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، ظهرت حاجة ملحة لتطوير تقنيات جديدة لاستخراج الغاز من مصادر بديلة، وذلك للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري والمساهمة في تحقيق الاستدامة البيئية، من أبرز هذه المصادر:
الغاز الحيوي
هو غاز يتكون أساسًا من الميثان، ويتم استخراجه من المخلفات العضوية مثل مخلفات الزراعة، والمخلفات الحيوانية، والقمامة البلدية، يُعتبر الغاز الحيوي مصدرًا متجددًا للطاقة لأنه ينتج من عمليات التحلل البيولوجي للمواد العضوية، وتُستخدم تقنيات مثل الهضم اللاهوائي لتحويل المخلفات العضوية إلى غاز حيوي، خلال هذه العملية، تعمل الميكروبات على تحطيم المواد العضوية في غياب الأكسجين، مما يؤدي إلى إنتاج الميثان وثاني أكسيد الكربون، ةيعد الغاز الحيوي مصدرًا طاقة مستدامًا يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء، وتدفئة المنازل، وحتى كوقود للسيارات علاوة على ذلك، يساهم استخدام الغاز الحيوي في تقليل انبعاثات الميثان الضارة الناتجة عن تحلل المخلفات في المدافن.
الميثان المائي
هو نوع من الغاز الطبيعي الذي يوجد في شكل هيدرات غازية مائية، وهو يتكون من جزيئات الميثان المحاطة بجزيئات الماء، تتواجد هذه الهيدرات تحت أعماق البحار وفي مناطق مثل القطب الشمالي، ويُعتبر استخراج الميثان المائي تحديًا تقنيًا، حيث يتطلب ظروفًا خاصة لتحرير الغاز من هيدراته، تعمل العديد من الدول على تطوير تقنيات لاستخراج هذا المصدر الواعد، مثل استخدام الحرارة أو تقنيات الضغط لتفكيك الهيدرات، ويُعتبر الميثان المائي احتياطيًا هائلًا من الغاز الطبيعي، ويُعتقد أنه يمكن أن يلعب دورًا رئيسيًا في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في المستقبل. إذا تم تطوير تقنيات استخراج فعالة، فإنه يمكن أن يسهم بشكل كبير في تعزيز أمن الطاقة وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية.
ورغم الفوائد الكبيرة للمصادر البديلة للغاز الطبيعي، إلا أن هناك تحديات تواجه تطويرها، تشمل هذه التحديات الحاجة إلى استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، وضرورة تحسين التقنيات الحالية لجعلها أكثر كفاءة واقتصادية، ومع ذلك، فإن التحول نحو هذه المصادر يعكس التزام المجتمع الدولي بتحقيق أهداف الاستدامة وتقليل الأثر البيئي للطاقة، إن استغلال الغاز الحيوي والميثان المائي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتحسين إدارة المخلفات، وزيادة تنوع مصادر الطاقة.
تطور مصادر الغاز الطبيعي
- في الماضي: لاحظ البشر القدماء تدفق الغاز الطبيعي من الأرض في بعض المناطق، وكانوا يستخدمونه لأغراض بدائية، مثل إشعال النار أو الاستفادة منه في بعض العلاجات الطبية التقليدية، لكن هذا الاستخدام كان محدودًا وغير منظم، وظل الغاز الطبيعي طويلاً مجهول الإمكانيات.
- في القرن التاسع عشر: بدأت رحلته الحقيقية نحو الأضواء، حيث استُخدم الغاز الطبيعي بشكل محدود في بعض المناطق في عمليات الإضاءة والتدفئة، مع ذلك، لم يكن بعد قد أصبح مصدراً رئيسياً للطاقة، وظل النفط هو المسيطر على مشهد الوقود العالمي، كان الغاز الطبيعي يُعتبر منتجًا ثانويًا لاكتشافات النفط، حيث تم اكتشافه جنبًا إلى جنب مع حقول النفط، الأمر الذي شجع على استغلاله بصورة أكبر، ومع تطور التكنولوجيا والزيادة المستمرة في الطلب على مصادر طاقة نظيفة وأكثر كفاءة، تحوّل الغاز الطبيعي في العقود الأخيرة إلى بديل جذاب للوقود الأحفوري التقليدي.
- في الوقت الحالي: أصبح الغاز الطبيعي وقوداً نظيفاً نسبياً مقارنة بالفحم والنفط، ويساهم بشكل كبير في تقليل انبعاثات الكربون الضارة بالبيئة، كما أصبح مكوناً أساسياً في شبكات الطاقة العالمية، يستخدم في توليد الكهرباء والتدفئة وفي قطاعات النقل والصناعة، فاليوم يُنظر إلى الغاز الطبيعي ليس فقط كوقود انتقالي نحو مستقبل الطاقة النظيفة، بل أيضًا كمصدر حيوي يدعم الاستدامة البيئية والاقتصادية، مما يجعله ركيزة أساسية في التخطيط لمستقبل الطاقة العالمي.
فيديو .. ما هو الغاز الطبيعي وما هي مصادره وكيف تشكل؟
العوامل المؤثرة في مصادر الغاز الطبيعي
هناك عدة عوامل تؤثر في استغلال واكتشاف مصادر الغاز الطبيعي، منها:
- التطورات التكنولوجية: الابتكارات التكنولوجية تسهم بشكل كبير في تحسين عمليات الحفر والاستخراج من المصادر التقليدية وغير التقليدية.
- التغيرات الجيوسياسية: النزاعات والعقوبات الدولية قد تؤثر على إنتاج وتصدير الغاز في بعض المناطق.
- التشريعات البيئية: العديد من الدول تتجه نحو سن قوانين صارمة بشأن الانبعاثات، مما يفرض على الشركات الاستثمار في مصادر طاقة أنظف مثل الغاز الطبيعي.
تحليل نهائي
تُظهر الإحصائيات أن الغاز الطبيعي يظل خيارًا رئيسيًا في مزيج الطاقة العالمي، حيث يمثل نحو 25% من إجمالي استهلاك الطاقة، ومع زيادة الطلب على الطاقة والاهتمام المتزايد بالقضايا البيئية، تبرز أهمية مصادر الغاز التقليدية وغير التقليدية والبديلة، من المتوقع أن يستمر الاعتماد على هذه المصادر في السنوات القادمة، مما يستدعي استثمارات مستدامة في التكنولوجيا والابتكار، من خلال فهم التنوع في مصادر الغاز الطبيعي، يمكننا تعزيز الأمان الطاقي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

مراجع
- مصادر الغاز الطبيعي الغير تقليدية – الموقع الإلكتروني لشركة أرامكو السعودية
- تطورات إنتاج الغاز الصخري (المصادر غير التقليدية) – الموقع الإلكتروني لمركز المعلومات واتخاذ القرار بمصر
- الغاز الطبيعي – تاريخ اكتشافه ومصادره – oil gas wiki
اقرأ أيضاً
- تعرف على خريطة إنتاج الغاز الطبيعي في العالم
- خريطة حقول الغاز الطبيعي في مصر
- 7 خطوات لـ معالجة الغاز الطبيعي
- أهم 8 استخدامات للغاز الطبيعي
- 7 خطوات رئيسية لخطوط شبكات الغاز الطبيعي
- تعرف على تقنيات إنتاج الغاز الطبيعي
- تكنولوجيا الغاز الطبيعي .. نحو 150 مليون طن سنويًا بحلول 2030
- ما المقصود بـ ” متكثف الغاز الطبيعي ” ؟
تعليق واحد