غاز طبيعي

كل ما تريد معرفته عن سفن التغويز .. 5 معلومات أساسية لفهم دورها في تأمين الغاز

سفن التغويز في مصر .. خيار استراتيجي لتأمين إمدادات الغاز خلال ذروة الاستهلاك الصيفي

تُعد سفن التغويز أو وحدات التغييز العائمة (FSRUs) من أبرز الابتكارات الحديثة في قطاع الطاقة، إذ تتيح استقبال شحنات الغاز الطبيعي المُسال (LNG) وتحويلها إلى حالتها الغازية في عرض البحر دون الحاجة إلى بنية تحتية أرضية ضخمة.

وتوفر هذه السفن مرونة كبيرة للدول في تأمين احتياجاتها من الطاقة، خاصة في فترات الطلب المرتفع أو في المناطق التي تفتقر إلى محطات تغييز تقليدية.

وتعمل سفن التغويز عبر منظومة متكاملة تبدأ بتخزين الغاز المُسال في صهاريج ضخمة عند درجة حرارة تصل إلى -162° مئوية، ثم يُعاد تسخينه باستخدام مياه البحر أو أنظمة حرارية خاصة ليعود إلى حالته الغازية، ومن ثم يُضخ مباشرة إلى شبكات التوزيع أو خطوط الأنابيب، وتُستخدم هذه التقنية على نطاق واسع حول العالم نظرًا لسرعة نشرها وانخفاض تكاليفها مقارنة بالمحطات الأرضية.

وفي هذا الإطار، تسعى مصر إلى الاستفادة القصوى من هذه التكنولوجيا المتقدمة، حيث تمضي قدمًا في تطوير بنيتها التحتية من خلال الاعتماد على 3 سفن تغويز عائمة تُعزز من قدرتها على تلبية احتياجات السوق المحلي من الغاز، خاصة خلال أشهر الصيف التي تشهد ذروة الاستهلاك.

وتأتي أهمية سفن التغويز كونها تُعيد تحويل الغاز الطبيعي المسال (LNG) إلى حالته الغازية لاستخدامه في الأغراض المنزلية والصناعية، مما يجعلها عنصرًا محوريًا في منظومة أمن الطاقة، في هذا التقرير، نستعرض 5 معلومات أساسية لفهم آلية عمل سفن التغييز ودورها في دعم منظومة الطاقة في مصر.

ما هي سفن التغويز؟

سفن التغويز، أو ما يُعرف فنيًا بـ وحدات التخزين وإعادة التغييز العائمة (Floating Storage Regasification Units – FSRUs)، هي سفن متخصصة تُستخدم لتحويل الغاز الطبيعي المُسال (LNG) من حالته السائلة إلى حالته الغازية، تمهيدًا لضخه في شبكات الغاز الوطنية.

وتُعد هذه السفن بمثابة محطات تغييز متنقلة، تُوفر مرونة عالية مقارنة بالمحطات البرية، حيث يمكن نقلها وتشغيلها في أي ميناء تتوفر فيه البنية الأساسية اللازمة، وتُستخدم بشكل خاص في الدول التي تفتقر إلى محطات تغييز ثابتة، أو لتغطية الاحتياجات الموسمية الطارئة.

كيف تعمل سفن التغويز؟

تعمل سفن التغويز عبر سلسلة من الخطوات الفنية المدروسة، تضمن الحفاظ على خصائص الغاز وسلامة العمليات.

1. تخزين الغاز الطبيعي المسال: تُنقل شحنات الغاز الطبيعي المسال من ناقلات مخصصة إلى صهاريج ضخمة داخل سفينة التغييز، حيث يُخزن عند درجة حرارة منخفضة جدًا تبلغ -162 درجة مئوية، وهي الدرجة التي يُحافظ فيها الغاز على حالته السائلة لتقليل حجمه وتسهيل نقله.

2. مرحلة إعادة التغييز (Regasification): بعد التخزين، تبدأ السفينة في تسخين الغاز المسال تدريجيًا لإعادته إلى حالته الغازية. ويُستخدم في هذه العملية أحد نظامين:

  • مياه البحر التي تمر في مبادلات حرارية، تعمل على نقل الحرارة إلى الغاز.
  • وحدات تسخين حرارية صناعية خاصة، في حال كانت مياه البحر غير متاحة أو غير كافية.

3. نقل الغاز المُعاد إلى حالته الطبيعية: بعد تحوّله إلى الحالة الغازية، يتم ضخ الغاز عبر أنابيب مخصصة تمتد من السفينة إلى شبكة الغاز القومية أو إلى خطوط أنابيب محلية، ليصل إلى محطات التوزيع أو المستهلكين الصناعيين والمنزليين.

4. نظام أمان ومراقبة دقيق: تعمل سفينة التغييز بكفاءة عالية ضمن منظومة تكنولوجية متقدمة تضمن السلامة والاستقرار الحراري والضغط المناسب خلال مراحل التحويل والنقل، وتخضع لرقابة دقيقة على مدار الساعة.

وتتميز سفن التغويز بكونها محطات تغييز عائمة ومرنة، مما يُمكّن الدول من تعزيز قدراتها في استيراد الغاز دون الحاجة إلى إنشاء محطات برية ثابتة باهظة التكاليف أو معقدة الإنشاء، ولهذا، تُعد وحدات FSRU خيارًا استراتيجيًا واقتصاديًا لتأمين إمدادات الطاقة، خصوصًا في أوقات الطلب المرتفع أو في الدول التي تسعى لتنويع مصادرها.

سفن التغويز
سفن التغويز

الفرق بين ناقلات الغاز وسفن التغويز

من المهم التمييز بين ناقلات الغاز المسال التي تنقل الغاز في حالته السائلة فقط، وبين سفن التغويز التي تضيف على ذلك وظيفة معالجة الغاز وتحويله، وبالتالي، فإن سفن التغويز تجمع بين النقل والتخزين والمعالجة، مما يجعلها أكثر كفاءة في إدارة الأزمات والطلب المفاجئ على الطاقة.

أهمية سفن التغويز في أمن الطاقة

تلعب سفن التغويز دورًا جوهريًا في تعزيز أمن الطاقة، كونها توفر بديلًا سريعًا وآمنًا للإمدادات التقليدية، ويمكن نقلها من ميناء إلى آخر بسهولة، ما يجعلها مثالية للدول التي تعتمد على مصادر متعددة أو تواجه مخاطر في تدفق الغاز عبر الأنابيب.

سفن التغويز
سفن التغويز

مصر وسفن التغويز .. رؤية توسعية

تشهد مصر توسعًا ملحوظًا في اعتمادها على سفن التغويز لدعم الشبكة القومية للغاز، تعزيز أمن الطاقة وتنويع مصادر الإمداد، خاصة في ظل التحديات الإقليمية وتذبذب إمدادات الغاز، إذ تتبنى مصر استراتيجية مرنة ترتكز على توظيف وحدات التغييز العائمة (FSRUs)، بما يمنحها قدرة أكبر على تلبية احتياجات السوق المحلي، خاصة خلال فترات الذروة في الاستهلاك، كما هو الحال في فصل الصيف.

وفي هذا السياق، كشف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الدولة بصدد تشغيل 3 سفن تغييز بحلول يوليو 2025، لتضخ الغاز الطبيعي المُسال المُعاد إلى حالته الغازية مباشرة في الشبكة القومية، وذلك ضمن خطة تستهدف سد الفجوات الطارئة في الإمداد، ودعم القطاع الصناعي، وتقليل الضغط على مصادر الإنتاج المحلي.

وبانضمام هذه السفن الثلاث، ترتفع القدرة الإجمالية للتغييز إلى نحو 2.25 مليار قدم مكعب يوميًا، مقارنة بنحو مليار قدم مكعب فقط خلال العام الماضي، ما يعكس قفزة كبيرة في جاهزية الدولة لمواجهة أي تحديات طارئة في سوق الطاقة، سواء على مستوى الاستهلاك المنزلي أو الصناعي.

رئيس الوزراء: الدولة بصدد تشغيل 3 سفن تغويز بحلول يوليو 2025

مستقبل سفن التغويز 

تمثل سفن التغويز أو وحدات التغيير العائمة (FSRUs) مستقبلًا واعدًا في مشهد الطاقة العالمي، خصوصًا في ظل التحولات الجيوسياسية وتنامي الحاجة إلى إمدادات طاقة مرنة وآمنة، فقد أثبتت هذه الوحدات فاعليتها خلال الأزمات، مثل أزمة الغاز في أوروبا عقب الحرب الروسية الأوكرانية، حين لجأت العديد من الدول الأوروبية إلى التوسع في نشر سفن التغويز على سواحلها لتعويض نقص الإمدادات عبر الأنابيب التقليدية، وذلك لما توفره من حلول سريعة الانتشار، أقل تكلفة، وأكثر مرونة مقارنة بمحطات التغييز الأرضية.

وبحسب التقارير الدولية، يتجه السوق العالمي نحو زيادة عدد وحدات FSRUs قيد التشغيل، مع توقعات بأن يتضاعف عددها خلال السنوات القليلة المقبلة، مدفوعًا بارتفاع الطلب في الأسواق الناشئة مثل إفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، حيث تفتقر العديد من الدول إلى بنية تحتية برية جاهزة لاستقبال الغاز، مما يجعل السفن العائمة خيارًا مثاليًا.

أما على صعيد مصر، فإن الدولة تبنّت مبكرًا سياسة تنويع أدواتها في استيراد الغاز الطبيعي، ووضعت سفن التغويز ضمن استراتيجية تأمين الطاقة على المدى القصير والمتوسط، خصوصًا خلال فترات الطلب المرتفع في فصل الصيف، أو عند حدوث تراجع مؤقت في الإنتاج المحلي. وتُمثل السفن الثلاث التي تعمل أو يُجرى تجهيزها حاليًا (هوج جاليون – إنرجوس إسكيمو – السفينة الثالثة بميناء الدخيلة) نواة لبنية تحتية عائمة مرنة، قادرة على توفير ما يزيد عن 2.25 مليار قدم مكعب من الغاز يوميًا، وهو ما يعادل قدرة تشغيل عدد من المحطات الكهربائية والصناعية الحيوية.

سفن التغويز
سفن التغويز

ختامًا؛ تمثل سفن التغويز واحدة من أبرز تقنيات الطاقة الحديثة التي تتيح للدول التحرك بمرونة في سوق الغاز الطبيعي، وفي مصر، تأتي هذه السفن كحل عملي وفعال لمواجهة تقلبات الإمدادات واحتياجات الاستهلاك الموسمية، ضمن رؤية طموحة لتأمين الطاقة وتنمية الاقتصاد الوطني. وفي ظل التغيرات العالمية، ستظل سفن التغييز أداة لا غنى عنها ضمن منظومة الطاقة المستدامة.

مراجع:

محمد أبو الخير

محرر اقتصادي متخصص في شئون البترول والغاز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى