
تحتل الغازات البترولية المسالة مكانة محورية كأحد أبرز مشتقات البترول، خاصة أنها تُستخدم في 6 قطاعات هامة تشمل المنازل والصناعة والنقل والتخييم وغيرها، مما يجعلها وقودًا متعدد الاستخدامات وعالي الكفاءة.
وتتكوّن الغازات البترولية المسالة من 3 مكونات رئيسية، أبرزها البروبان والبيوتان، وهي غازات هيدروكربونية خفيفة يسهل تحويلها إلى الحالة السائلة تحت ضغط منخفض، مما يجعلها عملية ومثالية للتخزين والنقل والاستخدام في مختلف القطاعات.
ويُعزز هذا التنوع في الاستخدام مكانة الغاز المسال عالميًا، سواء كمصدر طاقة مستقل أو كبديل أنظف وأوفر للوقود التقليدي، خاصة في ظل التوجهات العالمية نحو الطاقة منخفضة الانبعاثات.. في هذا المقال، نستعرض مكونات وخصائص ومميزات الغازات البترولية المسالة، وأهم استخداماتها، وكيفية إنتاجها، ولماذا تُعد واحدة من أكثر مشتقات البترول فاعلية في دعم مستقبل الطاقة المستدامة.
جدول المحتويات
ما هي الغازات البترولية المسالة؟
الغازات البترولية المسالة هي مزيج من الغازات الهيدروكربونية القابلة للاشتعال، وتُستخرج من مصدرين أساسيين:
1. تكرير النفط الخام: تُستخلص خلال التقطير الجوي أو التفريغي في المصافي
2. معالجة الغاز الطبيعي: يتم فصل مكونات الغاز الخفيفة في وحدات استخلاص سوائل الغاز الطبيعي (NGL).
ثم تُضغط هذه الغازات إلى صورتها السائلة، وتُعبأ في أسطوانات معدنية أو صهاريج للتموين والنقل.

مكونات الغازات البترولية المسالة
تتكوّن الغازات البترولية المسالة من ثلاثة مكونات رئيسية، وهي مركبات هيدروكربونية تنتمي إلى مجموعة الألكانات، وتُستخلص من عمليات تكرير النفط أو معالجة الغاز الطبيعي:
1. البروبان (C₃H₈)
غاز عديم اللون والرائحة، يُعد من أكثر مكونات الغاز المسال استخدامًا، ويمتاز بدرجة غليان منخفضة (حوالي -42 درجة مئوية)، مما يجعله مناسبًا للاستخدام في البيئات الباردة، إذ يظل في حالة غازية بسهولة عند انخفاض درجات الحرارة، ويُستخدم البروبان في التدفئة، والطبخ، والتخييم، وكذلك كوقود للمولدات والسيارات.
2. البيوتان (C₄H₁₀)
له خصائص مشابهة للبروبان، لكنه أعلى كثافة وأقل تقلبًا، ويغلي عند حوالي -0.5 درجة مئوية، ويُفضل استخدامه في الأجواء المعتدلة والدافئة، ويُستخدم على نطاق واسع في القداحات، وأجهزة الطهي المحمولة، وبعض التطبيقات الصناعية. نظرًا لانخفاض ضغطه البخاري، يُعد أكثر أمانًا نسبيًا للتخزين.
3. مزيج من البروبان والبيوتان
يتم خلط البروبان والبيوتان بنسبة معينة بحسب الظروف المناخية ومتطلبات الاستخدام، في الدول ذات المناخ البارد، تكون نسبة البروبان أعلى لقدرته على التبخر بسهولة. أما في المناخات الحارة، فيُضاف المزيد من البيوتان نظرًا لأنه أكثر كفاءة من حيث الطاقة وأقل تكلفة.
تكييف الخليط حسب الاستخدام
عادة ما يتم ضبط النسبة بين البروبان والبيوتان من قبل شركات التوزيع لتتناسب مع طبيعة الاستخدام ودرجة الحرارة المحيطة. على سبيل المثال:
- في أوروبا الشمالية وكندا: يُستخدم خليط يحتوي على نسبة عالية من البروبان لتجنب تجمد الغاز في الطقس البارد.
- في الشرق الأوسط وأفريقيا: ترتفع نسبة البيوتان نظرًا لارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الحاجة إلى خصائص التبخر السريع.
التركيب الكيميائي والخواص الفيزيائية
تتميّز الغازات البترولية المسالة بأنها قابلة للانضغاط والتحول إلى سائل في درجات حرارة وضغط معتدلين، ما يجعل من السهل تعبئتها في أسطوانات معدنية أو خزانات كبيرة. كما أن البروبان والبيوتان كلاهما:
- أثقل من الهواء، مما يجعل تسرب الغاز يتجمع في الأماكن المنخفضة، وهو ما يتطلب إجراءات أمان خاصة.
- عديمَي اللون والرائحة في صورتهما النقية، لذا يُضاف إليهما مركّب ذو رائحة نفاذة (مثل الإيثيل ميركابتان) لرصد أي تسرب.
بهذا التكوين الفريد، تمثل الغازات البترولية المسالة وقودًا عالي الكفاءة، مرن الاستخدام، وقابلًا للتخصيص حسب الحاجة، مما يجعلها من أهم مشتقات البترول المعتمدة عالميًا في مجالات متعددة.
لماذا تُعد الغازات البترولية المسالة من أهم مشتقات البترول؟
تُعتبر الغازات البترولية المسالة من أهم المشتقات البترولية على الإطلاق للأسباب التالية:
- سهولة الإنتاج: فهي ناتج ثانوي مباشر من عمليات التكرير أو معالجة الغاز.
- تنوع الاستخدامات: تُستخدم في المنازل والمصانع وقطاع النقل.
- قابلية التسييل والتخزين: مما يجعلها مثالية للتوزيع في مناطق نائية.
- انبعاثات منخفضة مقارنة ببقية المشتقات البترولية السائلة أو الفحم.
- سعرها تنافسي يجعلها مفضّلة في كثير من الأسواق.
أبرز استخدامات الغازات البترولية المسالة
تتميّز الغازات البترولية المسالة بمرونتها وتنوع استخدامها في عدة مجالات حيوية، مما يعكس أهميتها كأحد أكثر مشتقات البترول انتشارًا واعتمادًا على مستوى العالم. فيما يلي أبرز 6 استخدامات رئيسية لها:
1. الاستخدام المنزلي: يُعد الاستخدام المنزلي من أكثر المجالات شيوعًا للغازات البترولية المسالة، حيث تُستخدم في:
- أجهزة الطهي مثل المواقد والأفران، وخاصة في المناطق غير المخدومة بشبكات الغاز الطبيعي.
- أجهزة التدفئة، خصوصًا في المناطق الجبلية أو الباردة التي تحتاج إلى مصدر طاقة موثوق وسريع الاشتعال.
يتميّز الغاز المسال في هذا الاستخدام بأنه نظيف الاحتراق، ولا يترك رمادًا أو دخانًا كثيفًا، كما أنه يُخزن بسهولة في أسطوانات صغيرة تُوزع مباشرة إلى المنازل.
2. القطاع الصناعي: تلعب الغازات البترولية المسالة دورًا كبيرًا في دعم العمليات الصناعية، لا سيما في الصناعات التي تتطلب حرارة عالية ودقة في التحكم. من أبرز هذه الاستخدامات:
- تشغيل الأفران الحرارية ومواقد الصهر.
- صناعة الأسمنت والزجاج والسيراميك.
- تجفيف المنتجات الزراعية أو الخشبية في المصانع.
ويُفضل استخدامها صناعيًا بسبب كفاءتها الحرارية العالية، وانخفاض انبعاثاتها مقارنة بالوقود التقليدي مثل الفحم أو الديزل.
3. كوقود بديل للسيارات: في ظل ارتفاع أسعار الوقود التقليدي وتنامي الوعي البيئي، أصبح غاز البترول المسال خيارًا شائعًا في كثير من الدول لاستخدامه كوقود للسيارات، ويُعرف تجاريًا باسم Autogas، ويستخدم في:
- يُستخدم في سيارات الأجرة والحافلات الصغيرة وحتى بعض السيارات الخاصة.
- يتميز بانبعاثات أقل من ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين مقارنة بالبنزين.
- أرخص نسبيًا، ما يُعد خيارًا اقتصاديًا للسائقين وشركات النقل.
4. معدات التخييم والمولدات المحمولة: بفضل سهولة تعبئته في أسطوانات صغيرة الحجم، يُعد الغاز المسال مثاليًا للاستخدام في الأنشطة الخارجية، ومن أبرز الاستخدامات:
- الشوايات ومواقد التخييم المحمولة.
- المصابيح الغازية.
- المولدات الصغيرة لتوليد الكهرباء في الأماكن النائية.
ويوفر هذا النوع من الاستخدام طاقة آمنة ونظيفة للمناطق التي لا تتوفر فيها مصادر كهرباء دائمة.
5. الاستخدام الزراعي: تلجأ العديد من الأنشطة الزراعية إلى الغازات البترولية المسالة لأغراض متعددة، مثل:
- تدفئة البيوت الزجاجية (الصوب) لضمان نمو المحاصيل في الشتاء.
- تشغيل مضخات المياه والمحركات الصغيرة في الحقول.
- تجفيف الحبوب والمحاصيل بعد الحصاد.
ويمتاز الغاز هنا بسهولة النقل إلى المواقع الزراعية البعيدة، وانخفاض تكاليف تشغيله مقارنة بالوقود السائل.
6. الاستعمالات التجارية والخدمية: تستخدم العديد من الأنشطة التجارية، مثل المطاعم والفنادق والمخابز، الغاز المسال في أعمالها اليومية، مثل:
- الطهي على نطاق واسع.
- تسخين المياه أو توفير التدفئة للمباني.
- تشغيل معدات التهوية أو الشفط الحراري.
كما يُستخدم في مغاسل الملابس الصناعية التي تعتمد على الحرارة، ما يجعله وقودًا حيويًا في قطاع الخدمات.
بفضل هذا التنوع الكبير في الاستخدامات، تُعد الغازات البترولية المسالة من أهم مشتقات البترول التي تجمع بين الكفاءة والمرونة والاقتصاد، مما يضمن استمرار الطلب عليها في مختلف القطاعات لسنوات قادمة.

خصائص الغازات البترولية المسالة
تتميّز الغازات البترولية المسالة بعدد من الخصائص الفيزيائية والكيميائية التي تجعلها مثالية للاستخدام كوقود في العديد من التطبيقات، ومن أبرز هذه الخصائص:
1. عديمة اللون والرائحة في حالتها الطبيعية: عند إنتاجها، تكون الغازات البترولية المسالة بلا لون أو رائحة، ما قد يجعل من الصعب اكتشاف التسربات، ولذلك، يُضاف إليها مركّب كيميائي ذو رائحة نفاذة – غالبًا الإيثيل ميركابتان – لتسهيل التعرف على أي تسرب محتمل، مما يعزز عوامل الأمان أثناء التخزين أو الاستخدام.
2. أعلى كثافة من الهواء: تمتلك هذه الغازات كثافة أعلى من الهواء الجوي، ما يجعلها تميل إلى الاستقرار والانخفاض نحو الأرض عند حدوث تسرب، عوضًا عن التشتت في الهواء، وهذا يتطلب اهتمامًا خاصًا بأنظمة التهوية في الأماكن المغلقة، لضمان عدم تراكم الغاز في المناطق المنخفضة، وبالتالي الحد من خطر الاشتعال أو الانفجار.
3. طاقة احتراق عالية: تتميّز الغازات البترولية المسالة بكفاءة حرارية مرتفعة، إذ تنتج طاقة حرارية كبيرة عند الاحتراق، ما يجعلها فعالة كمصدر للطاقة في الطهي والتدفئة والصناعة، ويمكن التحكم في درجة اللهب بسهولة، مما يمنحها مرونة في الاستخدام.
4. انبعاثات منخفضة من الكربون والسخام: مقارنة بالوقود التقليدي مثل الفحم أو الديزل، تُصدر الغازات البترولية المسالة كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين، كما لا تنتج عنها كميات كبيرة من السخام أو الجسيمات الدقيقة، مما يجعلها خيارًا أنظف وأقل ضررًا على البيئة والصحة العامة.
5. قابلة للتسييل تحت ضغط منخفض: من أبرز خصائصها الفيزيائية أنها تتحول إلى سائل عند ضغوط معتدلة (عادة ما بين 5 إلى 10 ضغط جوي)، ما يسهل تخزينها ونقلها في أسطوانات أو صهاريج دون الحاجة لتبريد معقد.
6. اشتعال سريع واستقرار في الأداء: بفضل تركيبها الهيدروكربوني، تشتعل الغازات البترولية بسرعة بمجرد ملامستها لمصدر شرارة، وهو ما يجعلها مناسبة للتطبيقات التي تحتاج إلى استجابة فورية للطاقة، مع أداء مستقر لا يتغير بمرور الوقت.
تمنح هذه الخصائص مجتمعة الغازات البترولية المسالة أفضلية كبيرة على باقي أنواع الوقود في العديد من الاستخدامات، كما تسهم في تعزيز السلامة والكفاءة والاستدامة في مختلف البيئات التشغيلية.
الفرق بين الغازات البترولية المسالة والغاز الطبيعي

التحديات المرتبطة باستخدام الغازات البترولية المسالة
رغم مزاياها العديدة، إلا أن هناك بعض التحديات التي يجب التعامل معها:
- قابلية الاشتعال العالية تتطلب إجراءات أمان دقيقة
- البنية التحتية المحدودة في بعض الدول النامية
- التقلبات السعرية المرتبطة بأسعار النفط العالمية
مستقبل الغازات البترولية المسالة كمصدر طاقة
في ظل التحوّل العالمي نحو الطاقة النظيفة، تُعد الغازات البترولية المسالة خيارًا انتقاليًا مثاليًا، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية لشبكات الغاز الطبيعي. فهي تساعد في:
- الحد من إزالة الغابات (الاعتماد على الحطب)
- تحسين جودة الهواء في المنازل والمصانع
- خفض انبعاثات الكربون بالمقارنة مع الديزل أو الفحم
كما أن دعم الحكومات لاستخدام أسطوانات الغاز في المناطق الريفية يساهم في تعزيز الأمن الطاقي وتوسيع نطاق الاعتماد على أحد أهم مشتقات البترول.

ختامًا؛ تُعد الغازات البترولية المسالة مكونًا استراتيجيًا في منظومة الطاقة الحديثة، بفضل خصائصها الفيزيائية الفريدة وتعدد استخداماتها، وسهولة تخزينها وتوزيعها، إلى جانب كفاءتها العالية وانبعاثاتها المنخفضة، ومع تطور التقنيات وزيادة الوعي البيئي، ستظل هذه الغازات تحتل مكانة محورية ضمن مشتقات البترول التي لا غنى عنها في عالم اليوم.
فيديو.. غاز البترول المسال
مراجع:
- الغازات البترولية المسالة – تقرير منظمة اليونسكو
- الغاز البترولي المسال – منصة الأبحاث العلمية “science direct”
- غاز البترول المسال – الموقع الإلكتروني للمعهد العربي لعلوم السلامة
اقرأ أيضاً:
- أنواع زيوت التشحيم .. مكونات ومميزات 5 فئات رئيسية
- البنزين من مشتقات البترول .. 4 أنواع أساسية واستخدامات لا غنى عنها في الحياة اليومية
- السولار أحد مشتقات البترول .. 5 قطاعات حيوية تعتمد عليه بشكل أساسي
- الديزل من مشتقات البترول .. 5 مجالات رئيسية للاستخدام
- زيوت التشحيم من مشتقات البترول .. تعرَّف على 5 استخدامات لا غنى عنها
- استخدامات زيوت التشحيم .. 5 قطاعات لا يمكنها الاستغناء عنها
- الكيروسين من مشتقات البترول .. إنتاج عالمي يتجاوز 6 ملايين برميل يوميًا
- البروبان أحد مشتقات البترول .. 7 قطاعات حيوية تعتمد عليه كمصدر طاقة أساسي
- الفرق بين البروبان والبيوتان .. 6 نقاط رئيسية لفهم الفروق
- الأسفلت من مشتقات البترول .. دليلك المختصر في 5 نقاط لفهم هذه المادة الحيوية
- الأسفلت من مشتقات البترول .. دليلك المختصر في 5 نقاط لفهم هذه المادة الحيوية
- الفحم البترولي .. مشتق نفطي يدعم 3 صناعات ثقيلة تقود الاقتصاد العالمي
- البيوتان من مشتقات البترول .. تعرف على أهم 6 استخدامات له
- المازوت من مشتقات البترول .. 5 استخدامات رئيسية ترسّخ مكانته في عالم الطاقة
- الغازات البترولية المسالة .. 6 استخدامات تجعلها من أقوى مشتقات البترول استخدامًا
- 32 مليون برميل يوميًا.. كيف أصبحت النافثا المشتق البترولي الأكثر طلبًا عالميًا؟
- الزيوت المعدنية .. 3 مجالات حيوية تكشف استخداماتها الدقيقة والمتطورة
- المذيبات البترولية .. 3 أنواع رئيسية تُشكل حلولًا ذكية
- مشتقات البترول الوقودية .. دليل شامل لـ 13 مشتقًا يحرّك الاقتصاد العالمي
- مشتقات البترول غير الوقودية .. تعرَّف على 8 منتجات أساسية في الصناعة والاقتصاد
- مشتقات البترول الغازية .. 6 عناصر رئيسية تُشكّل عصب منظومة الطاقة العالمية