
الكيروسين من مشتقات البترول الهامة التي لعبت دورًا محوريًا في تاريخ الطاقة، ويُستخرج من عمليات التقطير الجزئي للنفط الخام في درجات حرارة تتراوح بين 150 و275 درجة مئوية.
ويُعرف الكيروسين أيضًا باسم “زيت المصابيح” أو “البارافين”، ويمتاز بخصائص احتراق نظيف نسبيًا، وكثافة متوسطة، وقدرة عالية على الاشتعال، مما جعله خيارًا مثاليًا في مجموعة واسعة من التطبيقات، ولا يزال يحتفظ بأهميته في العديد من الاستخدامات حتى يومنا هذا.
سنتناول في هذا المقال كل ما يتعلق بالكيروسين كأحد أهم مشتقات البترول من حيث تعريفه وخصائصه واستخداماته المتعددة، إلى جانب تأثيراته البيئية ومستقبله في ظل التحول العالمي نحو مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامة.
ما هو الكيروسين؟
هو سائل هيدروكربوني مشتق من النفط الخام، يقع في التركيب الكيميائي بين البنزين والديزل، ويُصنف ضمن الوقود متوسط الكثافة. تم اكتشافه وتطوير استخدامه بشكل واسع في القرن التاسع عشر، واستخدم بدايةً في المصابيح قبل أن يتوسع استخدامه في مجالات الطيران والتدفئة والصناعة.
الكيروسين من مشتقات البترول
يُعد الكيروسين من مشتقات البترول الوسيطة التي تجمع بين خصائص الوقود الخفيف والثقيل، ويتم إنتاجه في مصافي التكرير عبر عملية التقطير الجوي، وقد يخضع أحيانًا للمعالجة الهيدروجينية لإزالة الشوائب مثل الكبريت والنيتروجين، مما يحسن من جودة احتراقه ويقلل من تأثيراته البيئية، وتختلف مواصفاته باختلاف الغرض من استخدامه؛ فعلى سبيل المثال، يُنتج وقود الطائرات وفق معايير دقيقة تضمن استقرار الأداء في الظروف الجوية القاسية، مثل انخفاض درجات الحرارة والضغط الجوي في الطبقات العليا من الغلاف الجوي.
ومن الجوانب الفنية اللافتة أن الكيروسين يمتلك رقم سيتان منخفض نسبيًا مقارنة بالديزل، مما يجعله أقل ملاءمة لمحركات الاحتراق الداخلي التي تعتمد على الانضغاط، إلا أنه يمتاز بدرجة تطاير معتدلة تجعله مثاليًا في تطبيقات تتطلب وقودًا لا يتبخر سريعًا ولا يترك بقايا كربونية كثيفة.
كما أن تطور أنظمة المعالجة الحديثة في المصافي ساهم في إنتاج أنواع متطورة من الكيروسين منخفض الكبريت لتقليل الانبعاثات، بما يتماشى مع التشريعات البيئية العالمية، خاصة في قطاع الطيران الذي يواجه ضغوطًا متزايدة لتقليل بصمته الكربونية.
خصائصه
يتمتع الكيروسين بمجموعة من الخصائص الفيزيائية والكيميائية التي جعلت منه وقودًا متعدد الاستخدامات وفعّالًا في مجالات عديدة. ومن أبرز هذه الخصائص:
- قابلية عالية للاشتعال: يتميز بسهولة اشتعاله عند توفر مصدر للحرارة أو شرارة، ما يجعله مصدرًا سريعًا وفعّالًا للطاقة الحرارية. وتُعد هذه الخاصية من أهم أسباب استخدامه في التدفئة ووقود الطائرات، حيث يتطلب الأمر احتراقًا ثابتًا وموثوقًا.
- رائحة مميزة وسهولة التبخر: يمتلك رائحة نفاذة يمكن تمييزها بسهولة، ناتجة عن تركيبته الهيدروكربونية، كما أنه يتبخر بوتيرة معتدلة، مما يجعله آمنًا نسبيًا في التخزين والنقل مقارنةً بوقود أكثر تطايرًا مثل البنزين، لكنه في الوقت ذاته أكثر تقلبًا من الديزل.
- درجة غليان متوسطة: تقع درجة غليانه تقع في نطاق يتراوح بين 150 و275 درجة مئوية، وهي أعلى من درجة غليان البنزين وأقل من الديزل، ما يضعه في مرتبة وسطى بين هذين النوعين من الوقود، وتمنحه هذه الخاصية القدرة على الاحتراق التدريجي والمتوازن، ما يقلل من احتمالية حدوث انفجارات أو احتراقات مفاجئة.
- احتراق نظيف نسبيًا:عند استخدامه في ظروف احتراق مثالية، ينتج عنه نسب أقل من السخام والانبعاثات الضارة مقارنة ببعض المشتقات البترولية الأخرى، وهذا ما جعله مفضلًا في الطيران والتدفئة المنزلية، حيث يُعد الحفاظ على بيئة نظيفة وأمان الاستخدام أمرًا بالغ الأهمية.
- عمر تخزين طويل: من بين ميزاته العملية أيضًا قدرته على الاحتفاظ بخصائصه الفيزيائية والكيميائية لفترات طويلة عند تخزينه بشكل سليم، أي في حاويات مغلقة ومحمية من أشعة الشمس والرطوبة، ولهذا يُعد خيارًا موثوقًا للتخزين في المناطق النائية أو في الاستخدامات الطارئة.

استخداماته
يتعدد استخدام الكيروسين في مختلف المجالات، مما يعكس تنوع وظائفه وأهميته:
- وقود الطائرات النفاثة: يُعد الأساس في وقود الطائرات، وخاصة الطائرات النفاثة، وذلك بفضل كثافته المناسبة وطاقته العالية وقدرته على الاحتراق المستقر في درجات حرارة منخفضة.
- التدفئة المنزلية: يُستخدم على نطاق واسع في أنظمة التدفئة، خصوصًا في المناطق الريفية أو ذات المناخ البارد، حيث يتم تعبئته في مدافئ خاصة تعمل على هذا الوقود وتوفر طاقة حرارية فعّالة.
- مواقد منزلية: في بعض الدول النامية، لا يزال يستخدم كوقود للطبخ في المواقد المنزلية، لما يتميز به من توافر وتكلفة منخفضة مقارنة بالغاز الطبيعي أو الكهرباء.
- الإضاءة التقليدية: قبل انتشار الكهرباء، كان يُستخدم في المصابيح لتوفير الإنارة، ولا يزال يُستخدم في بعض المناطق النائية أو في حالات الطوارئ.
- الاستخدامات الصناعية: يُستخدم في بعض العمليات الصناعية كمذيب أو مادة أولية في صناعة بعض المركبات الكيميائية، كما يدخل في تصنيع المبيدات الحشرية ومواد التنظيف.
الكيروسين والبيئة
رغم أن الكيروسين يُعد من المشتقات البترولية الأنظف نسبيًا من حيث الانبعاثات، إلا أن استخدامه لا يخلو من التأثيرات البيئية، خاصة عند الاحتراق غير الكامل الذي قد يطلق جسيمات دقيقة وغازات ملوثة، ولهذا السبب، تسعى العديد من الدول إلى تحسين تقنيات استخدامه أو التحول إلى بدائل أنظف وأكثر استدامة مثل الغاز الطبيعي أو الطاقة الكهربائية.
مستقبل الكيروسين في ظل التحول الطاقي
في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات الكربونية، قد يتراجع الاعتماد على الكيروسين في بعض الاستخدامات مثل التدفئة والطبخ، لكنه سيبقى مكونًا رئيسيًا في وقود الطائرات، خاصة مع التطوير المستمر في مجالات الوقود الحيوي والطيران المستدام.
ختامًا، يبقى الكيروسين من مشتقات البترول التي أثبتت جدارتها في مختلف المجالات، من الطيران إلى التدفئة والصناعة، وعلى الرغم من التحديات البيئية والمخاوف المتعلقة بالاستدامة، ويواصل لعب دور مهم في منظومة الطاقة العالمية، ومع تطور التكنولوجيا وظهور البدائل النظيفة، قد يتغير موقعه في المستقبل، لكنه سيظل علامة بارزة في تاريخ الطاقة واستخدامات الوقود البترولي.
فيديو .. ما هي مشتقات البترول
مراجع:
اقرأ أيضاً:
- أنواع زيوت التشحيم .. مكونات ومميزات 5 فئات رئيسية
- البنزين من مشتقات البترول .. 4 أنواع أساسية واستخدامات لا غنى عنها في الحياة اليومية
- السولار أحد مشتقات البترول .. 5 قطاعات حيوية تعتمد عليه بشكل أساسي
- الديزل من مشتقات البترول .. 5 مجالات رئيسية للاستخدام
- زيوت التشحيم من مشتقات البترول .. تعرَّف على 5 استخدامات لا غنى عنها
- استخدامات زيوت التشحيم .. 5 قطاعات لا يمكنها الاستغناء عنها
- الكيروسين من مشتقات البترول .. إنتاج عالمي يتجاوز 6 ملايين برميل يوميًا
- البروبان أحد مشتقات البترول .. 7 قطاعات حيوية تعتمد عليه كمصدر طاقة أساسي
- البيوتان من مشتقات البترول .. تعرف على أهم 6 استخدامات له
- الفرق بين البروبان والبيوتان .. 6 نقاط رئيسية لفهم الفروق
- الأسفلت من مشتقات البترول .. دليلك المختصر في 5 نقاط لفهم هذه المادة الحيوية
- الفحم البترولي .. مشتق نفطي يدعم 3 صناعات ثقيلة تقود الاقتصاد العالمي
- المازوت من مشتقات البترول .. 5 استخدامات رئيسية ترسّخ مكانته في عالم الطاقة
- الغازات البترولية المسالة .. 6 استخدامات تجعلها من أقوى مشتقات البترول استخدامًا
- 32 مليون برميل يوميًا.. كيف أصبحت النافثا المشتق البترولي الأكثر طلبًا عالميًا؟
- الزيوت المعدنية .. 3 مجالات حيوية تكشف استخداماتها الدقيقة والمتطورة
- مشتقات البترول الوقودية .. دليل شامل لـ 13 مشتقًا يحرّك الاقتصاد العالمي
- مشتقات البترول غير الوقودية .. تعرَّف على 8 منتجات أساسية في الصناعة والاقتصاد
- مشتقات البترول الغازية .. 6 عناصر رئيسية تُشكّل عصب منظومة الطاقة العالمية